الحراك الشمالي يتجدد

 
  في وقت مبكر بدأت فكرة إنشاء الحراك الشمالي تطرح نفسها تأثراً بالخطوات التي رافقت مسار الحراك الجنوبي السلمي الذي انطلق من خلال جمعيات المتقاعدين العسكريين والمدنيين، فالتهميش والظلم السياسي والإداري كان قد شمل أيضاً الكثير من أبناء المناطق الشمالية، ولم يبق محصوراً في ناحية جغرافية محددة.
 
    وبالنظر إلى أن البعد الحقوقي هو القاسم المشترك الذي يعطي جميع اليمنيين شرعية المطالبات والطروحات المستندة على حقائق الواقع وشواهده، فقد كتبت حينها ست حلقات تحت عنوان (مرحلة ما بعد الرئيس) نشرتها خلال شهري فبراير ومارس 2008م، حيث قدمت في تلك الحلقات صورة الواقع وتطوراته منذ منتصف التسعينات وحتى تلك اللحظة، وذلك في إطار استشرافي لما يمكن ان تصل إليه البلاد، باعتبار أن المقدمات تؤدي حتماً إلى النتائج المرتبطة بها، وبالتالي ما الذي يجب أن نفعله كقوى مجتمعية لوقف مسار التدهور؟، وما هو التغيير السياسي والإداري الذي ننشده لاستعادة حقوقنا كأفراد وكمجتمع؟، لأن الإصلاح السياسي والإداري هو بوابة العبور لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الشامل.
 
  وفي إطار النقاش الذي دار بيننا – أصحاب الفكرة – عن الأسلوب الذي يمكن من خلاله إشهار وإعلان (الحراك الشمالي) حينها أثار البعض تخوفاتهم من استغلال الفكرة لشق الصف الوطني وتعميق الشرخ الاجتماعي بسبب حساسية الحديث عن شمال وجنوب، حيث ستبرز المقارنة والمقابلة بين (حراك جنوبي) و ( حراك شمالي) كمؤشر لانفصال نفسي جهوي تضيع بين تفاصيله المحددات الأساسية للقضية الوطنية.
 
 وفي هذا السياق كان الإجماع أن تظل فكرة إنشاء الحراك الشمالي قائمة ويتجه الجميع أولاً نحو العمل للتغيير السلمي كهدف رئيسي وأساسي لأن التغيير كفيل بإحداث الإصلاحات الشاملة لكل اليمنيين. وبالفعل استطاع النضال السياسي والإعلامي لكل القوى والأحزاب السياسية خلال الأعوام ( 2008م – 2009م – 2010م ) أن يهيئ الساحة اليمنية لقيام الثورة الشبابية الشعبية السلمية (فبراير 2011م) وكان لهذا النشاط السياسي والإعلامي الوطني دوره في الدفع بالقضية الجنوبية إلى واجهة المشهد واعتبارها مفتاح الحل للقضية الوطنية الشاملة. 
 
  وهكذا تلاحقت الأحداث والتطورات حتى وصلنا إلى محطة مؤتمر الحوار الوطني الشامل، حيث جاءت مخرجاته لتمثل خارطة طريق واقعية لحل مجمل الاشكالات والعقبات المعيقة لمسيرة الوطن اليمني وحركته نحو المستقبل الآمن الذي يحقق لجميع اليمنيين تطلعاتهم المشروعة في التقدم والتطور والرفاه. 
ومع الأسف بدا واضحاً منذ نهاية مؤتمر الحوار (25 يناير 2014م) أنه لن يتم التعامل مع مخرجات المؤتمر كحزمة متكاملة، بل أن الرئيس عبدربه منصور هادي أخذ يتعامل بانتقائية في تنفيذ المخرجات، وهو ما يعيدنا إلى المربع الأول.
 
وخطورة هذه الانتقائية أنها تأخذ أبعاداً سياسية وأبعاداً جهوية وتعمل على زرع أشواك وعقبات جديدة وكأننا أمام ثنائية تداولية، حيث كانت سياسات الرئيس السابق سبباً في نشوء القضية الجنوبية وظهور الحراك الجنوبي كحامل نضالي لها، وها هي سياسيات الرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي أخذت تعمل جاهدة على خلق قضية وطنية شمالية تفرض على الحراك الشمالي أن يتجدد ليكون حاملها النضالي السلمي، لأن السكوت على ما يجري من مظالم سياسية وإدارية ومن تهميش جهوي مقصود وممنهج سيعمل بالضرورة على السير بالقضية الوطنية نحو هاويات تدميرية أبعد عمقاً وأكثر مأساوية.
 

  وبالتأكيد إذا كان تفعيل دور الحراك الشمالي قد أصبح ضرورة ملحة في ضوء ما يجري على أرض الواقع، فإن اعتماد نظام الأقاليم سيعطي لهذا الحراك عنصر التنوع الجغرافي والموضوعي.   
 
  ويستطيع هذا الحراك بأهدافه الاستراتيجية ومطالبه الحقوقية وتطلعاته المستقبلية أن يساهم في بناء الدولة المدنية عبر إحقاق الحقوق ورد المظالم لأصحابها، وترسيخ قواعد النظام والقانون ومفاهيم العيش المشترك والعدالة في توزيع السلطة والثروة وإتاحة الفرص المتكافئة لكل أبناء اليمن بدون تمييز أو تمايز وبدون محاباة أو تحيز.
 
 
 
 

Ahmdm75@yahoo.com

 

للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress


كلمات مفتاحية:


اقرأ ايضا :
< نادي القضاة يعلن رفع الإضراب والعودة للعمل في كافة محاكم ونيابات الجمهورية
< إبطال عبوه ناسفة كانت قد زرعت اسفل خزان الغاز في معسكر الشرطة العسكرية بصنعاء ( تفاصيل)
< إشتباكات عنيفة في مناطق الضبر والحجز وذيفان بين الحوثيين وقوات الجيش بعد هجوم الحوثيين على نقطة " الضبر " بعمران ( تفاصيل)
< صدور قرارات جمهورية بتعيين - ومصادقة - وتعديل ( نص القرارات )
< إيران وتسييس التشيع
< الأردن يطرد سفير سوريا بعد "إساءاته المتكررة"
< الحوثيون يحشدون الأطقم والعربات المدرعة باتجاه منطقة " الحشاش " باتجاه جبل الجنات بعمران - والجيش يستعد للمواجهات (تفاصيل)

اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
الحد المسموح به للتعليق من الحروف هو 500 حرف    حرف متبقى
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة ما تراها في الصورة: