تجنيـد الأطفـال.. كيف تغسل جماعات إيران أدمغة النشء؟

 
كيف تقوم الجماعات الإيرانية بحشد الأطفال وغسل أدمغتهم وتجنيدهم في حروبها؟ هل الأطفال الذين يولدون في زمن الحروب والصراعات الأكثر تقبلاً وانصياعاً للتأثير عليهم سلوكياً وعقائدياً؟.
هذا ما يرد عليه بالإيجاب استشاري الصحة النفسية والإرشاد النفسي د. أحمد إسماعيل، حيث يقول «يجب أن نتفهم أمراً هاماً حول التأثيرات النفسية والسلوكية للإنسان في مراحل عمره الأولى وأثناء استعراض الأمر تتضح لنا أسباب اختيار أعمار محددة للأطفال الذين يمكن لأي جهة أو منظمة التأثير على عقولهم وتجنيدهم».
ويستعرض إسماعيل مراحل الاختيار الأولى للتجنيد والتي تبدأ من سن 7 - 12 سنة (البعض يذكر أنها تبدأ عند 6 سنوات).
ويشير إلى أنه في هذه المرحلة تبدأ السمات الاجتماعية بالتشكّل، حيث يتعلم الطفل كيفية تكوين الصداقات وكيفية اتباع القواعد الاجتماعية، كما يبدأ لديه التفكير المعرفي، ولعل من أشهر المقولات في هذا المجال «أن الطفل يشبه الإسفنج الذي يمتص كل ما يدور حوله من خبرات منذ الولادة، ثم يعود لاسترجاعه بعد عمر ست سنوات»، فما رأيك في الأطفال الذين يولدون في ظروف تملؤها الحروب والصراعات والهلع وعدم الاستقرار إضافة إلى عدم توافر الأمن والخدمات الصحية مع بيئة فقيرة أو معدمة ؟ بالتأكيد هؤلاء هم الأكثر عرضة للتلاعب العقلي ويسهل التأثير النفسي عليهم.
 
أسلوب مدروس
 
ويضيف أن المقصود هنا أن سلوكيات الطفل وتصرفاته ونمط تفكيره سيكون ناتجاً عن الخبرات التي تعرض لها سابقاً، ومن هنا تعتمد إيران وغيرها من الميليشيا الإرهابية المتطرفة على استغلال تلك العقول الناشئة التي عانت من ويلات الحروب ولديها الكثير من المخاوف والضياع الفكري لتحشو عقولهم بأفكار إجراميه بأسلوب نفسي سلوكي مدروس.
فالطفل من سن 7 سنوات تظهر لديه بدايات تعلم التفكير المنطقي وتطور النمو العقلي والميل لتكوين صداقات في تجمعات من نفس العمر لكي يتم تبادل الخبرات وزيادة نسبة مساحة التعلم، وهذه تصبح أرضاً خصبة جداً للجماعات الإرهابية لزرع قيم وعادات بين تجمعات الأطفال بأساليب مختلفة، تتمركز حول حثهم على الاعتماد على أنفسهم من خلال الطرق الوحشية واستغلالهم وانتهاك حقوقهم وطفولتهم.
ويضيف إسماعيل أن هذه المرحلة تتّسم بالخيال الواسع والتخيل أحياناً اللامنطقي، حيث يشعر بعض الأطفال بأنهم أبطال، وقد يلجأ بعضهم إلى تأليف القصص والشعر، وهنا يأتي دور التلاعب في عقولهم عن طريق استخدام بعض الألعاب على شكل أسلحة ومسدسات ورشاشات وخلافه من لبس وأدوات عسكرية.
 
ويعتاد الطفل على هذه الأدوات التي تشعره بالقوة، وحينما يستخدم سلاحاً حقيقياً لا يشعر بأن الأمر غريب عليه فهو لا يدرك حجم خطورته، وينفذ ما يتعلمه من البيئة المحيطة، فيصبح كالبذرة التي تنمو وتتغذى على أفكار متطرفة فتكبر يوماً بعد يوم وهي تحمل في جذورها مشاعر التطرف.
 
مرحلة حساسة
 
ويحذر الدكتور إسماعيل من خطورة المرحلة من عمر 10 إلى 12 سنة، حيث يؤكد أنه في هذه المرحلة يصبح الطفل مشروعاً راشداً، حيث يبدأ في اكتساب نضج للشخصية والنضج المعرفي، هي إذاً مرحلة التفكير المعرفي الأكثر تقدماً والذي يبدأ من عمر 8 سنوات ولم ينتهِ، ومن الطبيعي أن يكون طفلاً راشداً عاقلاً ولكن لك أن تتخيل تطبيق ما تم ذكره في المراحل السابقة من عمر 6 إلى 10 سنوات في توجيه الطفل ليكون قائداً عسكرياً ويحقق ذاته من خلال استخدام السلاح وزرع العبوات الناسفة والألغام من دون الشعور بالخطر أو الذنب أو الإحساس بأن ذلك الفعل جريمة لأنه لم يعرف أو يدرك تلك المعاني البديهية التي تم حرمانه منها.
لذلك يصبح الأمر الأخطر هو اختيار أطفال صغار السن والتدرج بهم في سلوكيات ممنهجة لتحضيرهم ليكونوا جنوداً مطيعين وتلك هي الغنيمة الكبرى بالنسبة للمنظمات والميليشيا المتطرفة التي تزرع قيم الإرهاب بشكل أقوى وأسهل وتخرج قادة لهم الولاء والانتماء الكامل من دون تفكير.
حول وصف هؤلاء الأطفال الجنود بعد سنوات من غسل أدمغتهم، مشاعرهم، وكيف يفكرون، يقول إسماعيل إن هؤلاء الجنود قد يتحوّلون إلى أشخاص مدمرين نفسياً وجسدياً في شبابهم، فهم مثل الآلة التي يتم تحريكها عن بعد، فهذه الجماعات المتطرفة نفذت إلى عقول الصبية بشكل مخطط ومدروس وممنهج وعلمي وليس اعتباطاً وهذا في حد ذاته خطر رهيب وجريمة بكل المقاييس ضد الإنسانية وحقوق الشعوب، لأنها تستحوذ على عقول ومعتقدات آلاف الأطفال الذين قد يتحولون إلى خصوم شرسين لأسرهم وأوطانهم، لا يفرّقون بين أب أو أخ، وهذا بحد ذاته دمار للمجتمعات يجب التنبه له ودراسته بعمق وإيجاد الحلول التي تجنب الأطفال ويلات هذه المنظمات المتطرفة.
ويضيف «تجنيد الأطفال يعتبر كارثة بشرية بكل المقاييس، فكيف يصمت العالم أمام من يستغل ويتلاعب بالأطفال سواء كان بالترهيب أو الترغيب؟ لتجنيدهم والتحكم بعقولهم وإرادتهم بإخضاعهم تحت ولايتهم بالتأثيرات النفسية واستغلالهم في حروب تقتل أرواحهم فيها بدم بارد فنحن بصدد كارثة حقيقية لا يمكن السكوت عنها».

 
طرق التجنيد
 
ويوضح الدكتور إسماعيل أساليب التنظيمات الإرهابية في تجنيد الأطفال، فبعضهم يعتمد على سياسة التجويع وإغراء الأهالي بإرسال أطفالهم للحرب مقابل المال، كما هو الحال مع أهالي الكثيرين من الدول المدمرة فمن يعمل لديهم يتقاضى راتب مقاتل شهرياً، وهذه المبالغ قد تفتح شهية الطفل وذويه على الموافقة، خاصة مع ما تعانيه تلك الأسر من الفقر والعوز.
ويضيف «من أساليب التجنيد أيضاً، التغرير بالأطفال من خلال المخيمات الدعوية وتوزيع هدايا عليهم والسماح لهم باستخدام أسلحتهم واللعب بها، وقد يخطفون الأطفال ويجرى تجنيدهم دون علم الأهالي، كما يتم تجنيد أعداد كبيرة من الأطفال الأيتام أو أطفال الشوارع ومن ليس لهم مأوى أو معيل فيتم استدراجهم من خلال تأمين المسكن والمأوى لهم وإقناعهم انهم أصبحوا عاملين ومنتجين يتقاضون رواتب مقابل عملهم، كل هذا الترتيب والأساليب المخطط لها على أعلى مستوى نفسي تنجح في الكثير من الأحوال في استدراج الطفل وزرع وبناء قيم وعادات أخرى نفسيه وسلوكية في عقله.
ويشير الأخصائي النفسي لنوع آخر من الأطفال يسهل تجنيده وهم الأطفال الذين ابتعدوا عن بيوتهم لساعات طويلة في سوق العمل، هؤلاء الأطفال فقدوا الجو الأسري ودفء العائلة، فأصبحوا بفجوة نفسية تسمح لأي متسلل باقتحام معاناتهم.
كما أن هؤلاء الأطفال معتادون على الكد والتعب وتحمل المسؤولية والمصاعب وهذا ما يشكل بيئة صالحة وجاهزة للاستغلال والاختراق وإنشاء أفعال وعادات ومعتقدات يصعب تغيرها على المدى الطويل.
 
تجنيد إلكتروني
 
أما الطريقة التي باتت معروفة لدى الكثير من المجتمعات فهي تجنيد أعداد كبيرة من الأطفال عن طريق الانترنت والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي وهؤلاء في الغالب وبشكل كبير ميسوري الحال وبعضهم يعيش في دول بعيده عن الحروب والخراب (وهذا دليل كافٍ على مدى احترافيه الجماعات الإرهابية وتخطيطهم ودراستهم للبيئات المحيطة بكل اشكالها والعلم جيدا بكيفية السيطرة واختراق العقول والتلاعب النفسي بالأساليب السهلة والخطيرة للتسلل لعقول أطفالنا وشبابنا بذرة اليوم وثمره المستقبل)، ويتم ذلك، حيث يتواجد الأطفال للتسلية والاستكشاف والتواصل مع الآخرين.
ويشير الى أن الدراسات تؤكد أنه ليس كل المجندين من أصحاب الدخل المحدود أو المتدني أو المنعدم، فهناك أطفال من أسر غنية ولكنهم يعانون الفراغ في الوقت والفراغ في العاطفة والفكر، فيتم غسل أدمغتهم بسهولة، فأي شيء فارغ يسهل تعبئته، وفقاً للنظرية التي تقول «أصحاب العقول الفارغة أرض خصبه للتغلب عليهم».
 
دس السم بالعسل
 
وإذا ما سألنا عن دور الإعلام في تعزيز السلوكيات العنيفة والتطرف لدى الأطفال، يقول د.إسماعيل إن القنوات الفضائية وما يعرض على شاشاتها من أفلام عنف يمكن أن تمهد لظهور جيل عنيف جاهز لقبول التجنيد وقبول أفكار متطرفة من منظمات إرهابية فالبرامج والأفكار التي تطرحها بعض الفضائيات تعمل على دس السم في العسل أحياناً بشكل صريح ومباشر، وأحياناً أخرى بشكل خفيف وتدريجي ومبسط يعتمد على أسلوب التكرار للمعلومات المخففة.
ويشرح الأخصائي النفسي أيضاً طرق إعادة تأهيل من ينجو من الأطفال المجندين لإعادته إلى حياته الطبيعية من خلال الفهم الصحيح لتجربة هذا الطفل وكيف تم الإيقاع به في شرك المتطرفين ومن ثم إعادة تأهيله نفسياً وسلوكياً من قبل متخصصين في هذا النوع من السلوك وعمل برامج ممنهجة للقضاء على هذا السرطان اللعين وهو تجنيد وتدمير الأطفال.
 
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress


كلمات مفتاحية:


اقرأ ايضا :
< "دخول المرحاض" يمنح أمريكيا جائزة اليانصيب!
< أسعار العملات مقابل الريال اليمني ليومنا هذا الثلاثاء 25 ديسمبر 2018م
< ضمادة "كهربائية" تسرع شفاء الجروح!
< تقرير: فيسبوك تجمع بيانات المستخدمين الحساسة من تطبيقات شهيرة على أندرويد
< ما سبب العدوانية لدى المراهقين؟
< الرئاسة التركية: أردوغان أقنع ترامب بالانسحاب من سوريا
< "الكاف" يكشف موعد سحب قرعة دور المجموعات لدوري أبطال إفريقيا

اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
الحد المسموح به للتعليق من الحروف هو 500 حرف    حرف متبقى
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة ما تراها في الصورة: