في أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي صاغ الاستراتيجي الإيراني الشهير والنافذ في دوائر صنع القرار محمد جواد لاريجاني " نظرية أم القرى" التي تعد إحدى أهم النظريات التي تحكم مسار السياسة الخارجية لإيران, ووفقاً لهذه النظرية فأن إيران هي مهد الإسلام الحقيقي والخالص, وأنه بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة "الإمام الخميني" أصبحت إيران دولة أم القرى و دار الإسلام، وأصبح عليها واجب أن تقود العالم الإسلامي، وأصبح على الأمة الإسلامية جمعاء واجب ولايتها. كما تؤكد النظرية على أن انتصار دولة أم القرى وعزتها يعتبر انتصاراً للأمة الإسلامية جمعاء، وأن هزيمتها أو انهيارها يعتبر هزيمةً لكل الأمة الإسلامية،ومن ثم يجب على الأمة ولاية دولة أم القرى والحفاظ عليها باعتبارها مركز الإسلام, والحفاظ عليها معناه الحفاظ على النظام الكامل للحكومة الإسلامية، والذي يشمل كل أراضي الدولة الإسلامية الواحدة، والتي بسببها تشكلت دولة أم القرى التي ستقود هذه الأمة .
وإذا ما قمنا بعملية مراجعة للسياسة الإيرانية خلال السنوات القليلة الماضية سنجد أن جوانب عدة مما تدعو له هذه النظرية قد أصبح واقعاً معاشاً , وأن دولة أم القرى التي بشرت بها النظرية قد تمخضت عن دولة "طائفية شيعية توسعية" ذات جذور صفوية ,فمجمل التفاعلات خلال السنوات الماضية تشير إلى أن إيران قد حققت مكاسب إستراتيجية على حساب العرب والسنة في العراق ولبنان وحالياً في سوريا واليمن, وأن من شأن ذلك أن يقلب ميزان التوازن الإستراتيجي بين إيران والعرب عموماً والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص خاصة وأن إيران في طور استكمال تطويق المملكة بالأقليات الشيعية من شمالها وشرقها وحالياً من جنوبها وحدودها البحرية غرباً عبر الحركة الحوثية.
* مدير مركز البحوث للدراسات السياسية والإستراتيجية
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك