عن الصراري وآل الجنيد... الدهشة الأولى

 

لا شك أن الإنسان يواجه في مسيرة حياته الكثير من التحولات اللامعقولة التي تجعله يصاب بشيء من الحيرة والدهشة وكم هائل من الإستعجاب. من هذه الأشياء حدوث ما ليس متوقع وسماع ما ليس معقول ولا مقبول خصوصا عندما يتعلق الأمر بشيء من القداسة أو المساس ببعض من المسلّمات.

تابعت الأحداث الأخيرة في مدينتي تعز التي شغلت الرأي العام اليمني وتحديدا في قرية الصراري التي يقطنها آل الجنيد وغيرها من الأسر وما رافقها من أقاويل واتهامات وتكهنات من البعض ونفي وتوضيح وتنفيد من البعض الآخر, وبعد مشاهدتي لبعضٍ من الصور القادمة من هناك وتحديدا فيما يتعلق بالمعتقدات الدينية أعاد إليّ أشياء كانت مطمورة في باطن الذاكرة بعد مرور سنين على حدوثها. قبل سنوات وأثناء دراستي الجامعية في بلد عربي زارني صديقي من مدينة أخرى حيث يدرس فيها واصطحب معه صديقه وكان صديقه هذا من تعز ومن آل الجنيد تحديداً, مكثا بمعيتي يومان, هذه الزيارة لم تكن كأي زيارة عادية يزورني فيها صديق أو أقوم أنا بزيارة إلى صديق آخر, لقد أحدثت هذه الزيارة فيّ صدمة نفسية لم أفُق من آثارها إلا بعد زمن طويل سيما وأنا ذلك الشاب القادم من ريف تعز حيث تربيت على أننا شعب يمني مسلم دخلنا الإسلام أفواجا برسائل نبوية شريفة دون قتال, ويجمعنا وطن يمني واحد من جبال صعدة وحتى منتهى ساحل المهرة.


في هذه الزيارة دخلنا في نقاش حول ما يحدث في العراق كعادة اليمنيون الذين تشغلهم السياسة من مهدهم وحتى لحدهم, وكانت حينها العراق تغرق في بحر من الدماء نتيجة للإقتتال الطائفي الذي دقّ إسفينه المحتلين أمريكان وفرس, وأثناء النقاش الطبيعي رأيت صديق صديقي "الجنيد" يتفاعل مع الحدث والنقاش بشكل مثير للدهشة ثم بدأ يناقش المعتقدات الدينية فزادت دهشتي من حديثه إلى أن بدأ يسب الصحابة الكرام وعائشة رضي الله عنها بشكل فجّ وقبيح وأتبعه بالحديث عن أشياء مثل الولاية وكسر الظلعين وغيرها وكل هذه الهرقطات لم أسمع بها كيمني حتى من زملائي أبناء صنعاء وذمار المنتمين للمذهب الزيدي ونحن نصلي سويا جمعة وجماعة ولا فرق بيننا سوى "السربلة" فقط فما بال هذا الرجل يتحدث بهذا الأسلوب الأرعن وهو من أبناء تعز؟ كان ذلك اللقاء هو الدهشة الأولى بالنسب لي عن آل الجنيد في صبر وقد ترك هذا اللقاء جملة من التساؤلات لم تبرح مخيلتي حتى اللحظة خصوصا وأن ما تحدث عنه "الجنيد" لم يكن أمرا عاديا بل إنه يمسُّ بأشياء تعدُّ مقدسة لدى عامة المسلمين ونحن في اليمن لم نسمع أبدا عن هكذا أقوال شاذة تطعن في المقدسات وتنال من رجالٍ أثنى عليهم الله من عليائه, وكل ما يجمعنا هو دين واحد حتى أن المذهبين الزيدي والشافعي كانا يتصلان في كل شيء ولم يكن هناك أية فوارق بينهما فيما يخص العبادات وهكذا عرفنا أنفسنا وترعرعنا ونمينا على هذا.

أنا هنا لا أبرر أي شيء قد يطال آل الجنيد أو غيرهم نتيجة معتقداتهم وما يؤمنون به وإنما ما حدث خلال اليومين الماضيين وطفى على السطح أستحث ذاكرتي وأعادني إلى زمن الدهشة الأولى والذهول الأول قبل أن تحدث دهشات متلاحقة بعد حروب صعدة وما لحقها من تشوهات وطنية, وانقلاب 21 سبتمبر وما تلاه من شرخ اجتماعي عميق ازداد عمقا وتفرعا مع اتساع ساحة المواجهات شرقا وغربا وجنوبا, مع التأكيد هنا أن المعركة التي يقودها الجيش اليمني والمقاومة المساند له والملتزم بأوامره هي معركة وطنية خالصة ليس للمعتقد والمذهب والدين فيها أي تأثير وإنما هناك هدفا وطنيا ساميا يتلخص باستعادة الدولة اليمنية ومؤسساتها وإنهاء الإنقلاب الذي أدخل اليمن في أتون حرب مدمرة لن نتخلص من تبعاتها وآثارها إلا بعد زمن ليس بالقصير.

للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress


كلمات مفتاحية:


اقرأ ايضا :
< إنفجار عنيف يستهدف حوثيين بمدينة إب ( تفاصيل)
< تفاصيل الإشتباكات المسلحة التي إندلعت منذ صباح اليوم في عدن ( صورة)
< صحيفة تكشف عن تحديد موعد جديد لإنتهاء مشاورات الكويت
< وزارة الدفاع التركية تعين قائدا جديدا للجيش الثاني .. والحكومة تفصل ١٦٨٤ عسكرياً تورطوا في المحاولة الانقلابية
< صدور قرار وزير الداخلية بتعيين مديرا لأمن مطار عدن ( صوره )
< أول ردة فعل للخارجية الإيرانية على أحداث منطقة الصراري بتعز ( تفاصيل)
< فضيحة كبيرة للحوثيين وإعلامهم بشأن أحداث منطقة الصراري بتعز .. لجنة التهدئة تكشف الواقعة .. وصحفي مؤتمري يدلي بشهادته

اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
الحد المسموح به للتعليق من الحروف هو 500 حرف    حرف متبقى
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة ما تراها في الصورة: